مطالبة السيدة فاطمــــة بالخلافة لا بالمال
لم تكن مطالبة السيدة فاطمة عليها السلام بفدك والفَيء والخمس والحوائط السبعة بدافعٍ مادي كما يظنّ البعض، بل لإثبات الحق الإلهي لأهل البيت، إذ مثّلت تلك الأملاك التي سرقت منهم قوةً ماليةً كبرى تساوي ميزانية دولة (كما بيّنا في البحث السابق “بماذا طالبت السيدة فاطمة”). وقد سعى أبو بكر وعمر إلى سلبها خشية نفوذ بني هاشم. وتجلى في خطبتها الفدكية فضحُ ضعف من ادّعوا الخلافة بغير حق، وتأكيدُ أحقّية الإمام علي عليه السلام بها، فهو من نصبة الله لهذا المنصب و وهو الذي قام الدين بسيفه وليس للمنافقين والطلقاء حق بالخلافة.
روى عبدالله بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن
بن علي بن ابي طالب عن ابائه ::
قالت السيدة فاطمة:
طاعتنا نظاماً للملّة، وإمامتنا أمانـــــــــاً من الفرقــــــــــــــــــة
مصدر:الإحتجاج، ج 1، ص 128
السبب الحقيقــــــــــــــي لسلب أبوبكر ممتلكات بني هاشم
أبو بكر سلب أموال أهل البيت (عليهم السلام) من خمس وفَيء وميراث وفدك والحوائط السبعة وغيرها من الممتلكات الكثيرة، ليجردهم من كل قوّة تمكّنهم من استرجاع حقّهم المسلوب وهو الخلافة، وليستعين بهذه الأموال في تدعيم دولته. ولذلك طالبت السيدة فاطمة (عليها السلام) بكل هذه الحقوق، لأنّها كانت السبيل لتمكين بني هاشم من القوة والقدرة على استعادة حقهم.
وفي كلام سبط ابن الجوزي :
أنه -أبوبكر -رضي الله تعالى عنه كتب لها بفدك، ودخل عليه عمر رضي الله تعالى عنه فقال: ما هذا.
فقال-أبوبكر-: كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها
فقال-عمر-: مماذا تنفق على المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترى، ثم أخذ عمر الكتاب فشقه.
ص512 -ج3- كتاب السيرة الحلبية
عن الإمام الصـــــــــــــــــــادق عليه السلام:
لما ولي أبو بكر بن أبي قحافة قال له عمر: إن الناس عبيد هذه الدنيا لا يريدون غيرها، فامنع عن علي وأهل بيته الخمس، والفئ، وفدكا، فان شيعته إذا علموا ذلك تركوا عليا وأقبلوا إليك رغبة في الدنيا وإيثارا ومحاباة عليها، ففعل أبو بكر ذلك وصرف عنهم جميع ذلك.
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 29 - الصفحة 195
لماذا كل هذا الرفض؟
وما يُثبت أكثر أن سلب ممتلكات بني هاشم، كأرض فدك، لم يكن إلا لأسبابٍ سياسية تتعلّق بالسلطة، هو قول عمر، الذي أظهر تعصّبًا شديدًا في أخذ هذه الممتلكات، حتى فضّل القتل على أن تذهب ممتلكات النبي إلى أهله.
قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه
عن عمــــــــــــــــــــر قال:
لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جئت انا وأبو بكر إلى علي فقلنا: ما تقول فيما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قال-علي- نحن أحق الناس برسول الله وبما ترك.
قال -عمر-:والذي بخيبر ؟
قال-علي-: والذي بخيبر.
قلت:والذي بفدك؟
فقال والذي بفدك.
قلت :
اما والله حتى تحزوا رقابنا بالمناشير فلا والعذرات.
الطبراني المعجم الاوسط-ج5-ص288
مطالبة السيدة فاطمة بالخلافـــــــــة لا بالمـــــال
وجّهت السيدة فاطمة عليها السلام توبيخًا شديدًا للصحابة، ولا سيما لمن نازعوا أهل البيت حقهم في الخلافة. ذكّرتهم بذلّهم قبل الإسلام، حين لا كرامة ولا قوة لهم، حتى أنقذهم الله برسوله صلى الله عليه وآله وسلم وبسيف علي عليه السلام، ثم لما أعزّهم الله بالإسلام جحدوا خلافة الإمام علي وادّعوا احقيتهم بالخلافة على الإمام علي، الذي ثبت الدين بسيفه وهم الفارين من ساحات القتال.
عن أبي عبدالله جعفر بن محمد,عن أبيه, عن جده علي بن الحسين, عن عمتة زينب بنت أمير المؤمنين
قالت: فاطمــــــــــــــــــــــــــة في خطبتها الفدكية::
وكنتم على شفا حفرة من النار، مِذْقَة الشارب ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق(1)، وتقتاتون القدّ(2)، أذلة خاسئين صاغرين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمدٍ(ص) بعد اللّتيا والتي، وبعد أن مني ببهم الرجال وذئبان العرب ومردة أهل الكتاب، كلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، أو نجم قرن الشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين
قذف أخاه في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه(3)، ويخمد لهبها بسيفه، مكدوداً في ذات الله، مجتهداً في أمر الله، قريباً من رسول الله، سيداً في أولياء الله، مشمّراً ناصحاً، مجدّاً كادحاً، لا تأخذه في الله لومة لائم، وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون، تتربصون بنا الدوائر، وتتوكّفون الأخبار، وتنكصون عند النزال، وتفرّون من القتال.
شرح مفردات الخطبة::
1)تشربون الطرق: الماء الذي تبول فيه الإبل وتبعر.
2)القد: ما يُقدّ من الجلد اليابس، وكانوا يأكلونه من شدّة الفقر .
3)بأخمصه:مايلامس الارض من باطن الرجل بيان بأن الإمام اذل الكفار.
من مصادر الخطبة :طبري الصغير دلائل الإمامة ص109 || الخوارزمي مقتل الحسين ج1ص77 || علل الشرائع ج1ص248
إنتقاد السيدة فاطمة لخلافة السقيفة وبيان بطلانها
وذكرت السيدة فاطمة عليها السلام انقلابهم بعد فترةٍ قصيرة من شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكيف سلبوا الخلافة بادّعاءٍ باطل، قائلين إن خلافتهم التي كانت “فلتة” عُقدت على عجلٍ خوفًا من وقوع الفتنة، فانتقدت عليهم قولهم هذا، مؤكدةً أنهم بعملهم ذاك وقعوا في الفتنة نفسها التي زعموا تجنّبها.
عن أبي عبدالله جعفر بن محمد,عن أبيه, عن جده علي بن الحسين, عن عمتة زينب بنت أمير المؤمنين
قالت: فاطمــــــــــــــــــــــــــة في خطبتها الفدكية::
فلما اختار الله لنبيّه دار أنبيائه، ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسكة (حسيكة) النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلّين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللغرّة فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً، وأحمشكم فألفاكم غضاباً، فوسمتم غير إبلكم، ووردتم غير مشربكم.
هذا والعهد قريب والكلم رحيب، والجرح لمّا يندمل،
والرسول لمّا يُقبر، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين
من مصادر الخطبة :طبري الصغير دلائل الإمامة ص109 || الخوارزمي مقتل الحسين ج1ص77 || علل الشرائع ج1ص248
الختام
ولمعرفة الممتلكات التي سلبها أبو بكر من بني هاشم — والتي لم تقتصر على أرض فدك وحدها — يمكنكم الاطلاع عليها بالتفصيل في هذا البحث “بماذا طالبت السيدة فاطمة؟ بحث شامل”







