هل تاب فعلا الزبير بن العوام؟ :قاتل أبن صفية في النار
هناك ادعاءات كثيرة تقول إن الزبير تاب وندم في آخر معركة الجمل، وأن قاتله في النار، مستدلين بذلك على أن الإمام (عليه السلام) كلّمه فخجل وتراجع. وهذه مغالطة وسوء قراءة لنصوص التاريخ.
فعندما نعود لقراءة التاريخ بتأنٍ وبشكل كامل، نرى أن الرواية نفسها التي يُحتج بها على توبة الزبير، تُظهر أنه بعد أن كلّمه الإمام علي (عليه السلام) وأظهر الندم، عاد بعد ساعات قليلة إلى القتال، بعدما أقنعه طلحة وابنه عبد الله بالعودة!
وادعاء آخر يقول إن ابن جرموز بُشّر بالنار لأنه قتل الزبير “التائب المؤمن” كما يُقال عنه، لكن الحقيقة أن ابن جرموز أصبح لاحقًا من الخوارج، وسلك نفس مسار الزبير؛ فقد بايع الإمام (عليه السلام) ثم نقض البيعة، فكان القاتل (ابن جرموز) والمقتول (الزبير) في النار.
الزبير يعـــــــــــــــود إلى القتــــــــال
(1
هذه الرواية الكاملة توضح فيها بأن الزبير بعد أن كلمه الإمام علي (عليه السلام) ,أظهر الندامة وتراجع عن القتال ,لكن بساعات قليله عاد إلى ارض القتال وتراجع عن ندمه.
223 / 36 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا إبراهيم بن عمر، قال: حدثني أبي، عن أخيه، عن بكر بن عيسى، قال: لما اصطف الناس للحرب بالبصرة خرج طلحة والزبير في صف أصحابهما، فنادى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الزبير بن العوام فقال له:
يا أبا عبد الله، ادن مني لأفضي إليك بسر عندي، فدنا منه حتى اختلفت أعناق فرسيهما، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): نشدتك الله إن ذكرتك شيئا فذكرته، أما تعترف به؟ فقال: نعم. فقال: أما تذكر يوما كنت مقبلا علي بالمدينة تحدثني إذ خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرآك معي وأنت تبسم إلي، فقال لك: يا زبير، أتحب عليا؟
فقلت: وكيف لا أحبه وبيني وبينه من النسب والمودة في الله ما ليس لغيره! فقال: إنك ستقاتله وأنت له ظالم. فقلت: أعوذ بالله من ذلك؟ فنكس الزبير رأسه ثم قال: إني أنسيت هذا المقام. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): دع هذا، أفلست بايعتني طائعا؟ قال: بلى. قال: فوجدت مني حدثا يوجب مفارقتي؟ فسكت ثم قال: لا جرم والله لا قاتلتك، ورجع متوجها نحو البصرة،
فقال له طلحة: مالك يا زبير! تنصرف عنا، سحرك ابن أبي طالب؟
فقال: لا ولكن ذكرني ما كان أنسانيه الدهر، واحتج علي ببيعتي له.
فقال طلحة: لا، ولكن جبنت، وانتفح سحرك .
فقال الزبير: لم أجبن لكن أذكرت فذ كرت.
فقال له عبد الله: يا أبه، جئت بهذين العسكرين العظيمين حتى إذا اصطفا للحرب قلت: أتركهما وأنصرف، فما تقول قريش غدا بالمدينة؟ الله الله يا أبه لا تشمت الأعداء، ولا تشين نفسك بالهزيمة قبل القتال.
قال: يا بني ما أصنع وقد حلفت له بالله ألا أقاتله؟
قال له: فكفر عن يمينك ولا تفسد أمرنا. فقال الزبير: عبدي مكحول حر لوجه الله كفارة يميني. ثم عاد معهم للقتال.
فقال همام الثقفي في فعل الزبير وما فعل وعتقه عبده في قتال علي (عليه السلام):
أيعتق مكحولا ويعصي نبيه ****** لقد تاه عن قصد الهدى ثم عوق
أينوي بهذا الصدق والبر والتقى ******** سيعلم يوما من يبر ويصدق
لشتان ما بين الضلالة والهدى ******* وشتان من يعصي النبي ويعتق
ومن هو في ذات الاله مشمر************* * يكبر برا ربه ويصدق
أفي الحق أن يعصى النبي سفاهة ******* ويعتق عن عصيانه ويطلق
كدافق ماء للسراب يؤمه ********** ألا في ضلال ما يصب ويدفق
الأمالي - الشيخ الطوسي - الصفحة ١٣٧
الإمام علي يكلم رأس الزبير المقطوع
(2
الرواية التالية مهمه توضح من خلال كلام الإمام علي (عليه السلام) بأن الزبير مات على الكـفـ*ر ولم يتب , ففيها تذكر قصة قتل الزبير غدرا من قبل ابن جرموز , وأخذ رأسه إلى الإمام علي(عليه السلام) معتقدا بذلك بأنه سينال على رضاه
فاحتز رأسه( ابن جرموز قطع رأس الزبير ) وجاء به إلى الأحنف فأنفذه إلى أمير المؤمنين (ع) فلما رأى رأس الزبير وسيفه قال: ناولني السيف. فناوله فهزه
وقال: سيف طالما قاتل به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله ولكن الحين ومصارع السوء ثم تفرس في وجه الزبير وقال: لقد كان لك برسول الله صلى الله عليه وآله صحبة ومنه قرابة ولكن دخل الشيطان منخرك فأوردك هذا المورد.
الجمل - الشيخ المفيد - الصفحة ٢٠٩
لماذا الامام بشــــــــــــر قاتل الزبيـر بالنــــــار؟
(3
يجوب الأن سؤال وهو “إن كان الزبير مات على كفر لماذا الامام علي عليه السلام بشر قاتل الزبير بالنار؟ الجواب: لان ابن جرموز خالف أوامر الإمام (عليه السلام) وهي
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
“لا تتبعوا موليا ولا تجيزوا على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن”
الكافي - الشيخ الكليني - ج ٥ - الصفحة ٣٣
فالإمام (عليه السلام) أعطى الأمان لكل أهل الجمل، سواء تابوا أم لم يتوبوا، والزبير بعدما عاد إلى القتال، قتل أمامه طلحة، فخاف وهرب.فتتبّعه ابن جرموز وقتله، وبهذا خالف أوامر الإمام (عليه السلام)، إذ إن الإمام لم يكن يريد قتل القادة، حتى لا يتكرر سيناريو مقتل عثمان وتخرج جماعة أخرى تطالب بدم عائشة أو الزبير. وبفعل ابن جرموز المتهور، كاد أن يُشعل الفتنة من جديد. فأمثال الخبيث عمرو كانوا يريدون من الامام علي(عليه السلام) بأن يقتل عائشة في حرب الجمل لكي يشنع على الإمام. فلو فعلا قتل الإمام علي(عليه السلام) الزبير او عائشة لوقعت فتنة اشد
“وقال عمرو لعائشة : لوددت أنك كنت قتلت يوم الجمل فقالت: ولم لا أبا لك فقال: كنت تموتين بأجلك، وتدخلين الجنة، ونجعلك أكبر التشنيع على علي.”
ص212 -ج1- كتاب الكامل في اللغة والأدب: محمد بن يزيد المبرد
حرمة اغتيال الكافــر
(4
وحتى لو كان الذي قتله شخص غير الزبير , فيحرم عليه قتله لان قتله غيله وهذا من الفتك المحرم في الإسلام, فحتى لو كان المقتول كافــر فيحرم قتـله
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
“الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن”
ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ٢٣٥٨
كمثل قصة هانئ عندما كان يريد قتل ابن زياد غيله ولكن تمنع بسبب حرمة الفتك(ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٣٥٨)
وكمثل قصة رجل اراد ان يفتك برجل ناصبي يشتم امير المؤمنين(عليه السلام) ولكن الامام الصادق (عليه السلام) منعه لان هذا من الفتك المحرم ان يقام حتى على الناصبي الكافــر(الكافي ، ج 7, صفحة 375 ,حديث16)









