أباذر الغفاري الثائر على عثمان بن عفان

أباذر الغفاري الثائر على عثمان بن عفان

عن أبي ذر الغفاري( رضوان الله عليه):

“ ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى ما ترك لي الحق صديقا”

ص178 - كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية - أبو ذر

كان أباذر-رضوان الله عليه- من خيرة أصحاب رســـــول الله -صلى الله عليه واله-وكان من شيعة أمير المؤمنيـــن-عليه السلام- معتقدًا بخلافته من الله. وكان لا يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يترك الدعوة إلى خلافة الإمام علي -عليه السلام-أبدًا. في زمن خلافة عثمان، كان ينكر عليه بعض أفعاله ويفضح ما رآه من فساد أعوانه. وكان يروي أحاديث النبي-صلى الله عليه واله وسلم- في ذم عثمان وبني أميه وكان قوله مؤثر في الناس وكان سبب رئيسي في إنتشار التشيع في الشام إلى يومنا هذا , وأنفر العديد من الناس عن عثمان وحكومته الباطلة وبلا شك إن أباذر-رضوان الله عليه- كان له دور في إنقلاب الناس على عثمان وقتله وإن مات قبل واقعة الدار, فلم يكن من عثمان إلى أن ارسل اباذر إلى الشام وبعدها إلى الربذة منفيا حيث توفي هناك في ظروف صعبة بسبب قلة الطعام والزاد.

إنكار أباذر على عثمان بن عفان

(1

ومنها ما حدثناه أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة ثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري القاضي ثنا محمد ابن جعفر عن أبيه عن إسحاق بن يوسف الأزرق حدثني إسحاق بن يوسف ثنا شريك بن عبد الله عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن حلام بن جذل الغفاري
قال سمعت أبا ذر جندب بن جنادة الغفاري يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إذا بلغ بنو أبى العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا وعباد الله خولا ودين الله دغلا قال حلام فأنكر ذلك على أبي ذر فشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر واشهد ان رسول الله صلى الله عليه وآله قاله.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

المستدرك - الحاكم النيسابوري - ج ٤ - الصفحة ٤٧٩

إنكار أباذر على عثمان لسرقته لاموال المسلمين

ان عثمان لما اعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال، واختص زيد بن ثابت بشئ منها جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع (بشر الكافرين بعذاب اليم) ويرفع بذلك صوته، ويتلو قوله تعالى * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم) *.

فرفع ذلك إلى عثمان مرارا وهو ساكت، ثم إنه ارسل اليه مولى من مواليه ان انته عما بلغني عنك! فقال أبو ذر: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله تعالى وعيب من ترك امر الله تعالى فوالله لأن ارضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضى عثمان،

فاغضب عثمان ذلك واحفظه فتصابر وتماسك، إلى أن قال عثمان يوما والناس حوله: أيجوز للامام ان يأخذ من المال شيئا قرضا فإذا أيسر قضى؟ فقال كعب الأحبار: لا باس بذلك، فقال أبو ذر: يا ابن اليهوديين أتقلمنا ديننا!

فقال عثمان قد كثر أذاك وتولعك بأصحابي الحق بالشام، فأخرجه إليها فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها، فبعث اليه معاوية يوما ثلاثمائة دينار، فقال أبو ذر لرسوله: ان كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا اقبلها، وان كانت صلة فلا حاجة لي فيها، وردها عليه.

ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة 8 / 252 - 256 بيروت 1966.

کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن مجلد : 4 صفحه : 237

أباذر يدعو إلى خلافة الامام علي

(2

كان الصحابي أباذر-رضوان الله عليه- كافــ.ــر بخلافة أهل السقيفة ومؤمن بخلافة أهل البيت -عليهم السلام- فكان في المدينة يقف في المسجد النبوي ويفضح عثمان وخلافتة الباطلة ويدعوا إلى خلافة أهل البيت عليهم السلام .

وبلغ عثمان أن أبا ذر يقعد في مسجد رسول الله، ويجتمع إليه الناس، فيحدث بما فيه الطعن عليه،
وأنه وقف بباب المسجد فقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري، أنا جندب بن جنادة الربذي، {إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض} [آل عمران:33- 34].، والله سميع عليم، محمد الصفوة من نوح، فالأول من إبراهيم، والسلالة من إسماعيل، والعترة الهادية من محمد. إنه شرف شريفهم، واستحقوا الفضل في قوم هم فينا كالسماء المرفوعة وكالكعبة المستورة، أو كالقبلة المنصوبة، أو كالشمس الضاحية، أو كالقمر الساري، أو كالنجوم الهادية، أو كالشجر الزيتونية أضاء زيتها، وبورك زبدها، ومحمد وارث علم آدم وما فضل به النبيون، وعلي بن أبي طالب وصي محمد، ووارث علمه.
أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها! أما لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم، ولما عال ولي الله، ولا طاش سهم من فرائض الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، إلا وجدتم علم ذلك عندهم من كتاب الله وسنة نبيه، فأما إذ فعلتم ما فعلتم، فذوقوا وبال أمركم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

وبلغ عثمان أيضا أن أبا ذر يقع فيه، ويذكر ما غير وبدل من سنن رسول الله وسنن أبي بكر وعمر، فسيره إلى الشأم إلى معاوية

تاريخ اليعقوبي - اليعقوبي - ج ٢ - الصفحة 171​

أباذر ينكر على معاوية

(3

عندما أرسل عثمان أباذر إلى الشام ليبعده عنه بعدما فضحه , أصبح يفضح بني أمية ويحدث أحاديث سمعها عن رسول الله في لعن وذم بني أمية عامة ومعاوية خاصة.

قال رسول الله -صلى الله عليه واله-
أولُ ما يُغَيِّرُ سُنَّتِي رجلٌ من بني أُمَيَّةَ

الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة الصفحة أو الرقم : 1749 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن رجاله ثقات

وكان يقف على باب دمشق إذا صلى صلاة الصبح ومره عند قصر معاوية فيقول بصوت جهور :

“جاءت القطار تحمل النار. لعن اللَّه الآمرين بالمعروف التاركين له، ولعن اللَّه الناهين عن المنكر الآتين له”

تاريخ اليعقوبي - اليعقوبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٢

وكان معاوية يسمع هذا كل يوم ويتغير لونه.

أستمر أباذر بفضح معاوية في الشام إلى أن تم التضيق عليه من قبل معاوية وهدد بالقتل إلى إن قال:

“ إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ تُهَدِّدُنِي بِالْفَقْرِ وَالْقَتْلِ”

ص162 - كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ط السعادة: أبو نعيم الأصبهاني

خلاف معاوية مع أباذر وتهديده بالقتل

قال وروى شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب السفيانية عن جلام بن جندل الغفاري قال: كنت عاملا لمعاوية على قنسرين والعواصم في خلافة عثمان فجئت اليه يوما اسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخا على باب داره يقول:
أتتكم القطار بحمل النار اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له، اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له
: فازبار معاوية وتغير لونه وقال: يا جلام أتعرف الصارخ من هو؟ فقلت اللهم لا! قال من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت، ثم قال أدخلوه علي

فجئ بأبي ذر بين قوم يقودونه حتى وقف بين يديه، فقال له معاوية: يا عدو الله وعدو رسوله أتأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع، اما اني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك، ولكني استأذن فيك.

قال جلام: وكنت أحب ان أرى أبا ذر لأنه رجل من قومي، فالتفت اليه فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره حناء،

فاقبل على معاوية وقال: ما انا بعدو لله ولا لرسوله بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله أظهرتما الاسلام وأبطنتما الكفر ولقد لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودعا عليك مرات ان لا تشبع، فقال معاوية ما انا ذلك الرجل، فقال أبو ذر بل أنت ذلك الرجل، أخبرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسمعته يقول وقد مررت به اللهم العنه ولا تشبعه الا بالتراب،

فأمر معاوية بحبسه.

(وشرح النهج: 8 / 257، والغدير: 8 / 304، و: 10: 142)

کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن مجلد : 4 صفحه : 237

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٢ - الصفحة ٤١٦

قتل عثمان لابي ذر الغفاري

(4

بعدما فضح أباذر معاوية في الشام, أرسل معاوية إلى عثمان يطلب منه ترحيل عثمان فأستجاب الى طلبه وبعد محاكمته ,أمر عثمان بنفي اباذر في الربذة وحيدا إلى أن يموت , فمات رضوان الله عليه من سوء أحوال العيش في الربذة.

معاوية يشتكي على أباذر

وقام أبو ذرّ الغفارى بالشام- سنة ٣٠ هـ- وجعل يقول: «يا معشر الأغنياء، واسوا الفقراء، بشّر الذين يكنزون الذهب والفضّة ولا ينفقونها فى سبيل الله بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم» فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك، وأوجبوه على الأغنياء، وحتى شكا الأغنياء ما يلقون من الناس ،

فكتب معاوية إلى عثمان. «إن أبا ذرّ قد أعضل بى، وإنه تجتمع إليه الجموع، ولا آمن أن يفسدهم عليك، فإن كان لك فى القوم حاجة فاحمله إليك».

(تاريخ الطبرى ٥: ٦٦، ومروج الذهب ١: ٤٣٨)

ص262 - كتاب جمهرة رسائل العرب في عصور العربية - كتاب معاوية إلى عثمان

لما أخرج عثمان أبا ذر الغفاري رحمه الله من المدينة إلى الشام كان يقوم في كل يوم فيعظ الناس ويأمرهم بالتمسك بطاعة الله، ويحذرهم من ارتكاب معاصيه، ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ما سمعه منه في فضائل أهل بيته عليه عليهم السلام، ويحضهم على التمسك بعترته.

فكتب معاوية إلى عثمان: أما بعد فإن أبا ذر يصبح إذا أصبح ويمسي إذا أمسى وجماعة من الناس كثيرة عنده فيقول كيت وكيت، فإن كان لك حاجة في الناس قبلي فأقدم أبا ذر إليك، فإني أخاف أن يفسد الناس عليك، والسلام. فكتب إليه عثمان: أما بعد فأشخص إلي أبا ذر حين تنظر في كتابي هذا، والسلام

جواهر التاريخ - الشيخ علي الكوراني العاملي - ج ٢ - الصفحة ١٩٣

قال ابن بطال (كما في عمدة القاري للعيني 4: 291)

الأمالي - الشيخ المفيد - الصفحة ١٦٢

من مصادر سنية إرسال أباذر إلى الربذة

مَرَرْتُ بالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَقُلتُ له: ما أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هذا؟ قالَ: كُنْتُ بالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا ومُعَاوِيَةُ فِي: {الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ ولَا يُنْفِقُونَهَا في سَبيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] قالَ مُعَاوِيَةُ: نَزَلَتْ في أَهْلِ الكِتَابِ، فَقُلتُ: نَزَلَتْ فِينَا وفيهم، فَكانَ بَيْنِي وبيْنَهُ في ذَاكَ، وكَتَبَ إلى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه يَشْكُونِي، فَكَتَبَ إلَيَّ عُثْمَانُ: أَنِ اقْدَمِ المَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حتَّى كَأنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذلكَ، فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ فَقالَ لِي: إنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ، فَكُنْتَ قَرِيبًا، فَذَاكَ الذي أَنْزَلَنِي هذا المَنْزِلَ

الراوي : زيد بن وهب الجهني | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 1406 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

قال ابن حجر في فتح الباري في شرح الحديث البخاري:
قَوْلُهُ: (فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي) فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ: أَنَّهُمْ كَثُرُوا عَلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ سَبَبِ خُرُوجِهِ مِنَ الشَّامِ، قَالَ: فَخَشِيَ عُثْمَانُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا خَشِيَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ.

ص275 - كتاب فتح الباري بشرح البخاري ط السلفية - باب ما أدي زكاته فليس بكنز

إرسال عثمان أباذر إلى الربذة

فكتب عثمان إلى معاوية: أن احمل جنيدبا إلي على أغلظ مركب وأوعره، فوجه به من سار به الليل والنهار، وحمله على شارف ليس عليها إلا قتب حتى قدم به المدينة، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد فلما قدم بعث إليه عثمان: أن الحق بأي ارض شئت، قال بمكة، قال: لا، قال: ببيت المقدس قال: لا، قال: بأحد المصرين، قال: لا، قال: ولكني مسيرك إلى الربذة فسيره إليها، فلم يزل بها حتى مات.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٢ - الصفحة ٤١٦

وفي خبر آخر بإسناده عن صهبان مولى الأسلميين قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان، فقال له: أنت الذي فعلت وفعلت، فقال أبو ذر: نصحتك فاستغششتني، ونصحت صاحبك فاستغشني، قال عثمان: كذبت، ولكنك تريد الفتنة وتحبها، قد انغلت الشام علينا، فقال له أبو ذر: اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام، فقال عثمان: مالك وذلك؟ لا أم لك قال أبو ذر: ما وجدت لي عذرا إلا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر،
فغضب عثمان وقال: أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب، إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله، فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من أرض الاسلام، فتكلم علي (عليه السلام) وكان حاضرا فقال: أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون: " وإن يك كاذبا فعليه كذبه، وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم، إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب " فاجابه عثمان بجواب غليظ، وأجابه علي (عليه السلام) بمثله، ولم يذكر الجوابين تذمما منهما.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 22 - الصفحة 417

فقال أبو ذر: ويحك يا عثمان أ ما رأيت رسول الله و رأيت أبا بكر و عمر هل هديك كهديهم أما إنك لتبطش بي بطش جبار
فقال عثمان: اخرج عنا من بلادنا
فقال أبو ذر: ما أبغض إلي جوارك فإلى أين أخرج
قال: حيث شئت
قال: أخرج إلى الشام أرض الجهاد
قال: إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها أ فأردك إليها
قال: أ فأخرج إلى العراق
قال: لا إنك إن تخرج إليها تقدم على قوم أولي شبه و طعن على الأئمة و الولاة.
قال: أ فأخرج إلى مصر
قال: لا
قال: فإلى أين أخرج.
قال: إلى البادية
قال أبو ذر: أصير بعد الهجرة أعرابيا
قال: نعم
قال أبو ذر: فأخرج إلى بادية نجد
قال عثمان: بل إلى الشرق الأبعد أقصى فأقصى امض على وجهك هذا فلا تعدون الربذة فخرج إليها

کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد مجلد : 8 صفحه : 260

(قال: أتخرجني من حرم رسول الله؟ قال: نعم وأنفك راغم. قال: فإلى مكة؟ قال: لا! قال: فإلى البصرة قال: لا! قال: فإلى الكوفة؟ قال: لا! ولكن إلى الربذة التي خرجت منها حتى تموت بها. يا مروان أخرجه ولا تدع أحدا يكلمه حتى يخرج! فأخرجه على جمل ومعه امرأته وابنته فخرج وعلي والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر ينظرون، فلما رأى أبو ذر عليا قام إليه فقبل يده ثم بكى وقال: إني إذا رأيتك ورأيت ولدك ذكرت قول رسول الله فلم أصبر حتى أبكي... الخ.).

تاريخ اليعقوبي: 2 / 172

جواهر التاريخ - الشيخ علي الكوراني العاملي - ج ٢ - الصفحة ١٨٦

فمضى حتى قدم على عثمان، فلما دخل عليه قال له: لا قرب الله بعمرو عينا ، فقال أبو ذر: والله ما سماني أبواي عمرا ولكن لا قرب الله من عصاه، وخالف أمره، وارتكب هواه.

فقام إليه كعب الأحبار فقال له: ألا تتقي الله يا شيخ تجيب أمير المؤمنين بهذا الكلام؟! فرفع أبو ذر عصى كانت في يده فضرب بها رأس كعب، ثم قال له: يا ابن اليهوديين ما كلامك مع المسلمين؟ فوالله ما خرجت اليهودية من قلبك بعد .

فقال عثمان: والله لا جمعتني وإياك دار، قد خرفت، وذهب عقلك، أخرجوه من بين يدي حتى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء، ثم أنخسوا به الناقة وتعتعوه حتى توصلوه الربذة، فنزلوه بها من غير أنيس حتى يقضي الله فيه ما هو قاض، فأخرجوه متعتعا ملهوزا بالعصي

الأمالي - الشيخ المفيد - الصفحة 164

وَلما أَمر عُثْمَان بتسييره إِلَى الربذَة قَالَ لَهُ: إِنِّي سَائِر إِلَى ربذتك، فَإِن مت بهَا فَأَنا طريدك، فَإِذا بَعَثَنِي رَبِّي حكم بيني وَبَيْنك. قَالَ: إِذا أحجك، إِنَّك تبغي عليّ وتسعى.

قَالَ أَبُو ذَر: إِن كنت أَنْت الْحَاكِم فاحججني، إِن الحكم يَوْمئِذٍ لَا يقبل الرِّشْوَة، وَلَا بَينه وَبَين أحد قرَابَة. نظر عُثْمَان إِلَى عير مقبلة، فَقَالَ لأبي ذَر: مَا كنت تحب أَن تكون هَذِه العير؟ قَالَ: رجَالًا مثل عمر. وَكَانَ يَقُول: إِنَّمَا مَالك لَك، أَو للجائحة، أَو للْوَارِث، فَلَا تكن أعجز الثَّلَاثَة.

وَقيل لَهُ: أَتُحِبُّ أَن تحْشر فِي مسلاخ أبي بكر؟ قَالَ: لَا. قيل: وَلم؟ قَالَ: لِأَنِّي على ثِقَة من نَفسِي وَشك من غَيْرِي.

وَشَتمه رجل، فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَر: ياهذا لَا تغرق فِي سبنا ودع للصلح موضعا، فَإنَّا لَا نكافئ من عصى الله فِينَا بِأَكْثَرَ من أَن نطيع الله فِيهِ.

وَقَالَ أَبُو ذَر: مَا تقدر قُرَيْش أَن تفعل بِي؟ وَالله للذل أحب إليّ من الْعِزّ. ولبطن الأَرْض أحب إليّ من ظهرهَا. وَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِن آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم الأسرة من نوح، والآل من إِبْرَاهِيم، والصفوة والسلالة من إِسْمَاعِيل، والعترة الطّيبَة الهادية من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنزلوا آل مُحَمَّد بِمَنْزِلَة الرَّأْس من الْجَسَد، بل بِمَنْزِلَة الْعَينَيْنِ من الرَّأْس، فَإِنَّهُم فِيكُم كالسماء المرفوعة، وكالجبال المنصوبة، وكالشمس الضاحية، وكالشجرة الزيتونة أَضَاء زيتها وبورك زندها.

ص55 - كتاب نثر الدر في المحاضرات - ابو ذر الغفاري

ومن طريق الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: قلت لأبي ذر: ما أنزلك الربذة؟ قال: أنصح لعثمان ومعاوية

الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٢٩٤

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: تكلم أبو ذر بشئ كرهه عثمان فكذبه فقال: ما ظننت إن أحدا يكذبني بعد قول رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أقلت الغبراء وما أطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، ثم سيره إلى الربذة فكان أبو ذر يقول: ما ترك الحق لي صديقا. فلما سار إلى الربذة قال: ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا.

الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٢٩٤

قصة موت أباذر في الربذة

عن أم ذر رضي الله عنها قالت: لما حضرت أبا ذر الوفاة، بكيت، فقال: ما يبكيك؟ فقلت: ما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض، وليس عندي ثوب يسعك كفنًا، قال: فلا تبكي وأبشري، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم: "ليموتنَّ رجل منكم بفلاة من الأرض، يشهده عصابة من المؤمنين"، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في قرية جماعة، وأنا الذي أموت بفلاة، والله ما كذبت ولا كذبت، فأبصري الطريق، قالت: وإني وقد ذهب الحاجُّ وانقطعت الطرق، قال: اذهبي فتبصري. قالت: فكنت أجيء إلى كثيب فأتبصر، ثم أرجع إليه، فأمرضه، فبينما أنا كذلك إذا أنا برجال على رحالهم كأنهم الرَّخَمُ، فأقبلوا حتى وقفوا عليَّ، وقالوا: ما لك يا أمة الله؟ قلت لهم: امرؤ من المسلمين يموت، تكفنونه؟ قالوا: من هو؟ فقلت: أبو ذر، قالوا: صاحب رسول الله؟ قلت: نعم. قالت: ففدوه بآبائهم وأمهاتهم، وأسرعوا إليه، فدخلوا عليه، فرحب بهم، وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم: "يموتن رجل منكم بفلاة من الأرض، يشهده عصابة من المؤمنين"، وليس من أولئك النفر أحد إلا هلك في قرية وجماعة، وأنا الذي أموت بفلاة، أنتم تسمعون إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنًا لي أو لامرأتي، لم أكفن إلا في ثوب لي أو لها، أنتم تسمعون إني أشهدكم أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرًا أو عريفًا أو بريدًا أو نقيبًا، فليس أحد من القوم إلا قارف بعض ذلك إلا فتى من الأنصار، فقال: يا عم، أنا أكفنك، لم أصب مما ذكرت شيئًا، أكفنك في ردائي هذا وفي ثوبين في عيبتي من غزل أمي حاكتها لي، فكفنه الأنصاري، في النفر الذين شهدوه، منهم حجر بن الأدبر، ومالك بن الأشتر في نفر كلهم يمانٍ

أخرجه بن حبان، برقم: (6556)، وأخرجه أحمد، برقم: (21084)، والحاكم برقم: (5521). وصححه.