كيف بدأت عبادة الأصنام؟

  • كيف بدأت عبادة الأصنام

كيف بدأت عبادة الأصنام؟

7 - علل الشرائع: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن جعفر بن محمد عليه السلام في قول الله عز وجل: وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ود أولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا، قال: كانوا يعبدون الله عز وجل فماتوا فضج قومهم وشق ذلك عليهم، فجاءهم إبليس لعنه الله فقال لهم: أتخذ لكم أصناما على صورهم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم وتعبدون الله، فأعد لهم أصناما على مثالهم فكانوا يعبدون الله عز وجل، وينظرون إلى تلك الأصنام، فلما جاءهم الشتاء والأمطار أدخلوا الأصنام البيوت فلم يزالوا يعبدون الله عز وجل حتى هلك ذلك القرن ونشأ أولادهم، فقالوا: إن آباءنا كانوا يعبدون هؤلاء، فعبدوهم من دون الله عز وجل، فذلك قول الله تبارك و تعالى: " ولا تذرن ود أولا سواعا " الآية.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٠

8 - قصص الأنبياء: بالاسناد عن الصدوق رحمه الله، عن ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن الأحول، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في مسجد النبي صلى الله عليه وآله:

إن إبليس اللعين هو أول من صور صورة على مثال آدم عليه السلام ليفتن به الناس، ويضلهم من عبادة الله تعالى، وكان ود في ولد قابيل وكان خليفة قابيل على ولده وعلى من بحضرتهم في سفح الجبل يعظمونه ويسودونه، فلما أن مات ود جزع عليه إخوته وخلف عليهم ابنا يقال له: " سواع " فلم يغن غناء أبيه منهم

فأتاهم إبليس في صورة شيخ فقال: قد بلغني ما أصبتم به من موت ود عظيمكم، فهل لكم في أن أصور لكم على مثال ود صورة تستريحون إليها وتأنسون بها؟ قالوا: افعل. فعمد الخبيث إلى الآنك فأذابه حتى صار مثل الماء، ثم صور لهم صورة مثال ود في بيته فتدافعوا على الصورة يلثمونها ويضعون خدودهم عليها ويسجدون لها، وأحب سواع أن يكون التعظيم والسجود له، فوثب على صورة ود فحكها حتى لم يدع منها شيئا، وهموا بقتل سواع، فوعظهم وقال: أنا أقوم لكم بما كان يقوم به ود، وأنا ابنه، فإن قتلتموني لم يكن لكم رئيس، فمالوا إلى سواع بالطاعة والتعظيم

فلم يلبث سواع أن مات، وخلف ابنا يقال له: " يغوث " فجزعوا على سواع فأتاهم إبليس وقال: أنا الذي صورت لكم صورة ود، فهل لكم أن أجعل لكم مثال سواع على وجه لا يستطيع أحد أن يغيره؟ قالوا: فافعل، فعمد إلى عود فنجره ونصبه لهم في منزل سواع، وإنا سمي ذلك العود خلافا، لان إبليس عمل صورة سواع على خلاف صورة ود، قال: فسجدوا له وعظموه، وقالوا ليغوث: ما نأمنك على هذا الصنم أن تكيده كما كاد أبوك مثال ود، فوضعوا على البيت حراسا وحجابا، ثم كانوا يأتون الصنم في يوم واحد، ويعظمونه أشد ما كانوا يعظمون سواعا، فلما رأي ذلك يغوث قتل الحرسة والحجاب ليلا، وجعل الصنم رميما، فلما بلغهم ذلك أقبلوا ليقتلوه فتوارى منهم إلى أن طلبوه ورأسوه وعظموه ثم مات وخلف ابنا يقال له: يعوق فأتاهم إبليس فقال: قد بلغني موت يغوث، وأنا جاعل لكم مثاله في شئ لا يقدر أحد أن يغيره قالوا: فافعل، فعمد الخبيث إلى حجر أبيض فنقره بالحديد حتى صور لهم مثال يغوث فعظموه أشد مما مضى، وبنوا عليه بيتا من حجر، وتبايعوا أن لا يفتحوا باب ذلك البيت إلا في رأس كل سنة، وسميت البيعة يومئذ لأنهم تبايعوا وتعاقدوا عليه، فاشتد ذلك على يعوق فعمد إلى ريطة وخلق فألقاها في الحائر، ثم رماها بالنار ليلا فأصبح القوم وقد احترق البيت والصنم والحرس وأرفض الصنم ملقى فجزعوا وهموا بقتل يعوق فقال لهم: إن قتلتم رئيسكم فسدت أموركم، فكفوا فلم يلبث أن مات يعوق وخلف ابنا يقال له: نسر، فأتاهم إبليس فقال: بلغني موت عظيمكم فأنا جاعل لكم مثال يعوق في شئ لا يبلى فقالوا: افعل فعمد إلى الذهب وأوقد عليه النار حتى صار كالماء، وعمل مثالا من الطين على صورة يعوق ثم أفرغ الذهب فيه، ثم نصبه لهم في ديرهم واشتد ذلك على نسر، ولم يقدر على دخول تلك الدير فانحاز عنهم في فرقة قليلة من إخوته يعبدون نسرا، والآخرون يعبدون الصنم حتى مات نسر،

وظهرت نبوة إدريس فبلغه حال القوم وأنهم يعبدون جسما على مثال يعوق، وأن نسرا كان يعبد من دون الله، فسار إليهم بمن معه حتى نزل مدينة نسروهم فيها فهزمهم، وقتل من قتل، وهرب من هرب فتفرقوا في البلاد، وأمر بالصنم فحمل وألقى في البحر، فاتخذت كل فرقة منهم صنما، وسموها بأسمائها فلم يزالوا بعد ذلك قرنا بعد قرن لا يعرفون إلا تلك الأسماء ثم ظهرت نبوة نوح عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله وحده، وترك ما كانوا يعبدون من الأصنام، فقال بعضهم: لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٠

وهذا يأخذنا إلى تأمل بأن إبليس بعد أن فشلت خطته بإستمرار عبادة الناس للأصنام أتجه إلى جعل الناس تعبد الملوك والحكام وحتى العلماء بإسم الدين بإطاعتهم في الحلال والحرام كما رأينا في قول الله تعالى.

▶عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ: قُلْتُ لَهُ: اِتَّخَذُوا أَحْبٰارَهُمْ وَ رُهْبٰانَهُمْ أَرْبٰاباً مِنْ دُونِ اللّٰهِ ؟فَقَالَ:«أَمَا وَ اللَّهِ مَا دَعَوْهُمْ إِلَى عِبَادَةِ أَنْفُسِهِمْ،وَ لَوْ دَعَوْهُمْ إِلَى عِبَادَةِ أَنْفُسِهِمْ مَا أَجَابُوهُمْ،وَ لَكِنْ أَحَلُّوا لَهُمْ حَرَاماً،وَ حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ حَلاَلاً،فَعَبَدُوهُمْ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ»

اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم الجزء : 2 صفحة : 768

فعبادة الأصنام مستمر إلى يومنا هذا سواء كان من حجر وتراب او من لحم ودم.